اكتشف

أفضل الترجمات الفلسفية في عام 2023

هذا المقال يضم بعض الكتب المختارة التي تقع على الحدود بين الفلسفة وغيرها من المعارف، أو تلك التي يستطيع المتخصص في مجالات معرفية أخرى أن يجد فيها ما ينفعه ويثري معرفته بمجاله.

منذ عقد من الزمان والفلسفة تشهد أحد أزهى عصورها في العالم العربي. فقد برزت الفلسفة بقوة في المجال العام وشهدت دورُ النشر نهضة كبرى بترجمة الكتب الفلسفية، بالإضافة إلى ما حظيت به من استقبال جماهيري واسع لدى قطاعات كبيرة من القراء العرب، حتى صار بوسعنا أن نرصد مؤخرًا فئةً من المهتمين بالفلسفة من غير المتخصصين فيها أكاديميًّا، وقد تجاوزوا مرحلة القراءات الفلسفية العامة والمداخل. ولهؤلاء، نهدي هذه القائمة.

راعيتُ في هذه القائمة أن تكون الكتب المختارة من تلك التي تقع على الحدود بين الفلسفة وغيرها من المعارف، أو تلك التي يستطيع المتخصص في مجالات معرفية وأدبية أخرى أن يجد فيها ما ينفعه ويثري معرفته بمجاله.

موت الفلسفة - تشارلي هوينمان، أليكس سوجنح، كيم بانج وآخرون

ترجمة: هويدا صالح (منشورات الربيع، القاهرة)

لطالما كانت الفلسفة صاحبة السيادة على المعارف البشرية كلها، إلى أن زحزحتها عن مكانها التطورات العلمية والتقنية الكبيرة في القرن الماضي. ومع ذلك، بينما أعلن الكثيرون من الفلاسفة قبل غيرهم موتَ الفلسفة، ما زالت تقاوم ليس فقط لمجرد البقاء، وإنما سعيًا وراء حفظ مكانتها. تُرى كيف يعاد إحياء الفلسفة في كل مرة تنطفئ فيها جذوتها ويظن الناس أنها فقدت أساس وجودها وفاعليتها؟ وما الداعي إلى استعمال الفلسفة في محاولة إجابة الأسئلة الوجودية الكبرى التي كاد العلم يحتكر الإجابة عنها؟

تلك أسئلة يحرص المساهمون في تأليف هذا الكتاب على تناولها، لينتهوا جميعًا إلى التأكيد على أننا نحتاج اليوم إلى الفلسفة أكثر من أي وقت مضى.

دروب لا تفضي إلى أي مكان - مارتن هايدجر

ترجمة عباس حمزة جبر (دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، دمشق)

«وحدها الغابة السوداء تُلهِمني» هذا عنوان مقالٍ للفيلسوف الألماني مارتن هايدجر، وهو تعبير صادق ينطبق على حياته؛ فقد قرر الإقامة في الغابة، والإقامة بين سكانها والمشي في دروبها، ومن هذه الدروب استلهم فكرة كتابه هذا والذي يعد أحد أسهل كتبه ومن ثم أكثرها شعبيةً؛ فبعد صمت طويل عن الكتابة منذ عام 1929، كسر صمته بجمع مقالات ومحاضرات كتبها في فترات متفرقة وقام بنشرها في عام 1950. وفي هذا الكتاب الذي سماه: «دروب لا تفضي إلى أي مكان»، جمع ست دراسات تتعلق بمواضيع فلسفية مختلفة؛ عن أصل العمل الفني، والذي ترجم إلى العربية من قبل، وآخر عن تأمل في عبارة لنيتشه، ومحاضرة له سماها: «لماذا الشعراء؟» وتأمل في نص لأناكسيمندر وهو أول نص فلسفي مدوَّن في التاريخ الإغريقي … إلخ. وهذه الدراسات وإن اختلفت في مضامينها إلا أن جميعها تتوجه نحو تصور نمط الحياة باعتبارها دروبًا تشبه تلك الدروب المتقاطعة في الغابات والتي تقف عند نقطة ما مثل الحياة تمامًا، ويقرر من خلال هذا أن المهم هو سلوك الدروب لا الوصول. فالوصول هو الموت.

علم الأعصاب والفلسفة – تحرير: فيليبي دي بريجارد، ووالتر سينوت أرمسترونج

ترجمة وتقديم: الدكتور تركي بن دخيل الله الشمدين ‏(منشورات نادي الكتاب، الرياض)

نشأت في العقود الأخيرة بعض العلوم التي تحاول الربط بين علم الأعصاب الناشئ وبين الفلسفة؛ فنشأ مجال مثل: الفلسفة العصبية الذي يتناول المسائل الفلسفية التقليدية ولكن في ضوء نتائج علم الأعصاب، ومجال فلسفة العلوم العصبية التي تحاول النبش عن الأسس الفلسفية للعلوم العصبية. ويعد هذا الكتاب الذي بين أيدينا والصادر عن MIT، أعرق معاهد العلم في العالم، من أحدث وأهم الكتب التي تتناول مسائل هذين الفرعين في المسائل الفلسفية الأهم التي يتناولها الفلاسفة وعلماء الأعصاب على السواء مثل: الأحكام الأخلاقية، وحرية الإرادة، والإدراكات الحسية، والمواجدة، وغيرها من المباحث. وقد شارك في هذا الكتاب أكثر من 33 باحثًا، من أهم الباحثين في هذا المجال، مما جعل هذا الكتاب جديرًا بأن يكون دُرَّة الإصدارات الفلسفية في عام 2024 وأكثرها راهنية.

جدلية سلبية - تيودور ف. أدرنو

ترجمة: ناجي العونلي (منشورات الجمل، بغداد)

مِثل الكثير من أعمال الفيلسوف الألماني الكبير ثيودور أدورنو التي تنضح بروحه الوثابة وحسه النقدي اللاذع من خلال فقرات متتابعة ومنهج غير نسقي في التأليف، يأتي هذا الكتاب الذي يقدِّم فيه نقدًا جذريًّا للفلسفة المثالية الألمانية عند اثنين من أكبر ممثليها: هيجل وهيدجر، وتحديدًا بنقد مصطلحٍ جذري في الفلسفة الألمانية هو مصطلح «الديالكتيك».

يثور أدورنو على الديالكتيك الهيجلي ذي النزوع الإيجابي، الذي يهدف دائمًا إلى نفي النقائض للوصول إلى غايةٍ محددة سلفًا، بينما يطرح أدورنو مفهومًا بديلًا عنه يسميه بـ«الديالكتيك السلبي» أو «الجدل السالب» محاولًا تحرير التصورات المثالية الألمانية من جمودها وتحويلها إلى فلسفة أكثر عملية يستطيع من خلالها العقل أن يتخذ مواقف نقدية إزاء العالم الأداتي الذي يستلبه ويختزل إدراكه ويسطِّح وجوده، وهذه الغاية التي يصبو إليها الكاتب تجعل الكتاب قابلًا لأن يُقرأ على نطاق واسع من غير المتخصصين في الفلسفة لا سيما من المتخصصين في العلوم الاجتماعية.

دليل كيمبردج في تاريخ الفلسفة العربية - تحرير: بيتر آدامسون، وريتشارد تايلور

ترجمة: أشرف منصور (مؤمنون بلا حدود، الرباط)

هذا الكتاب هو أحد أهم المراجع حول تاريخ الفلسفة العربية؛ فقد تصدى لتحريره بيتر آدمسون أستاذ تاريخ الفلسفة العربيَّة بجامعة LMU في ميونخ، وهو أشهر دارسي الفلسفة الإسلامية في الأكاديميا الغربية، ولعله أهمهم، وشاركه في تحريره ريتشارد تايلور. وقد شارك في تأليف الكتاب نخبةٌ من أهم المتخصصين في تاريخ الفلسفة العربية. وقد غطى الكتاب تاريخ الفلسفة العربية بمختلف مدارسها سواء منها المشائية أم الإشراقية، بدءًا برصد بدايات الترجمة من اليونانية ودور الإسماعيلية فيها، وانتهاءً بملا صدرا آخر الفلاسفة المسلمين الكبار، مرورًا بالكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد، بالإضافة إلى آراء الفلاسفة العرب في فلسفة الطبيعة والفلسفة السياسية والأخلاقية وعلم النفس الفلسفي.

من المحفز إلى العلم - ويلارد كواين

ترجمة: أحمد جمال يوسف (منشورات نادي الكتاب، الرياض)

إن هذا الكتاب على صغر حجمه يمثل خلاصة أفكار الفيلسوف التحليلي الكبير ويلارد كواين، وبالطبع فهو كتابٌ للمتخصصين في الفلسفة التحليلية؛ غير أن الفضوليين من ذوي التخصصات العلمية (لا سيما الرياضيات) والمهتمين بفلسفة العلم سيجدون في هذا الكتاب مغامرةً ذهنية تستحق الخوض. كان هذا الكتاب في أصله مجموعة محاضرات ألقاها كواين في جامعة جرندة بكتالونيا الإسبانية عام 1990، ثم نُشِرت في هذا الكتاب الذي يقدم أفكاره الأساسية والمعروفة عادة بـ«العلموية النسبوية». فيبدأ الكتاب بوضع أفكاره في سياقها التاريخي ضمن تاريخ الإبستمولوجيا بدءًا بأفلاطون وانتهاء بكارناب، ثم يقدِّم محاولته في تأسيس المذهب الطبيعاني في المعرفة وإبراز دور هذا المذهب في خدمة العلم. 

العقلانية الجديدة - برتراند سان–سورنين

ترجمة الزواوي بغورة (المركز القومي للترجمة، القاهرة)

إن الفيلسوف الفرنسي برتراند سان-سورنين من أكبر الفلاسفة الفرنسيين الأحياء سنًّا، وقد أودع في هذا الكتاب الذي ترجمه مؤخرًا الأستاذ الزواوي بغورة خلاصةَ أفكاره التي لطالما نادى بها في حياته؛ فهو يقدم في هذا الكتاب مراجعةً للنماذج العقلية الكلاسيكية ويتحدى تصورها عن العقلانية باعتبارها كيانًا متجانسًا، ويدعو في مقابل هذا إلى عقلانية جديدة أكثر مراعاة للسياقات التي تمارَس فيها العقلانية، وأكثر انفتاحًا على التعددية والتنوع. ويفحص في سبيل ذلك مفهومَ العقلانية وعلاقتها بالسياسة والدين والفن. ويتحدى سان-سورنين النظرة التقليدية للعقلانية باعتبارها نظامًا فكريًّا عالميًّا ومتجانسًا، ويقترح بدلًا من ذلك فهمًا أدق يراعي السياقات المحددة التي تمارَس فيها العقلانية. ويتعرض في الكتاب لتاريخ العلم في الحضارة الإسلامية وفي الحضارات الشرقية، محاولًا فهم سر الإسهامات العلمية في الحضارة الإسلامية.

مرجع روتلدج في فلسفة الذاكرة - تحرير: كوركين ميكيليان، سفين بيرنيكر

ترجمة: مصطفى سمير عبد الرحيم (دار الروافد الثقافية، بيروت)

هذا الكتاب هو أول مرجع، بل أول كتاب، يصدر بالعربية في هذا الفرع الفلسفي الذي لم يُفرَد باعتباره مجالًا بحثيًّا مستقلًّا إلا في العقد الأخير، وقد قام على تحريره اثنان من أهم المتخصصين في هذا المجال: كوركِن ميكيليان رئيس مركز فلسفة الذاكرة (CPM) في فرنسا، وسفين بيرنيكر أستاذ الإبستمولوجيا وفلسفة العلوم في جامعة جوهانسبرغ.

هذا الكتاب مرجعٌ شامل في «فلسفة الذاكرة» التي تُعنى بفحص طبيعة الذاكرة وتصنيفاتها وأشكالها، وعلاقتها بالوعي والإدراك البشري، وصلتها بالمسائل الفلسفية الكبرى مثل الزمن والعقل والهوية والخيال وغيرها من المسائل، وجاء الكتاب في ثمانية وأربعين فصلًا لم يترك شاردة ولا واردة من المباحث التي لها صلة بالذاكرة من المنظور الفلسفي والاجتماعي إلا وتطرق لها، بالإضافة إلى رصدٍ تاريخي لحضور مبحث الذاكرة في الفلسفات الإغريقية والشرقية القديمة ولدى كبار الفلاسفة والمفكرين، مثل أفلاطون وابن سينا وابن رشد وهيوم وهيجل وغيرهم.

ربما تكون هذه القائمة مخيبةً لظن غير المتخصصين في الفلسفة، إلا أنها بالرغم من هذا قد اختيرت بعناية ليكون أكثر الكتب المقترحة فيها على تقاطع مع مجالات أخرى، لذا فمهما كان مجال تخصصك أو مجال اهتمامك؛ طبًّا كان أم شعرًا أم رياضيات أم تاريخًا أم علم اجتماع، فستتقاطع أكثر هذه الكتب مع دائرة اهتمامك.

Shares:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *