مقالات

العربي للنشر والتوزيع

دار العربي للنشر والتوزيع من أعرق دور النشر المصرية، وهي دار نشر متخصصة وعامة في آن واحد، إذ تهتم بترجمة الكتب حديثة الصدور، لا سيما الأدب المكتوب بلغات غير الإنجليزية، فنجدها ترجمت أكثر من 500 عنوان مترجم عن 14 لغة أصلية، من أكثر من 65 دولة، هذا غير إصدارات الدار من الدراسات السياسية والإعلامية والثقافية والتي تتخطي الـ 2000 عنوان. كما أن للعربي حضور قوي على المنصات الإلكترونية، فضلًا عن توافر إصداراتها الورقية، وبعض الإصدارات المسموعة.

دار العربي للنشر والتوزيع من أعرق دور النشر المصرية، وهي دار نشر متخصصة وعامة في آن واحد، إذ تهتم بترجمة الكتب حديثة الصدور، لا سيما الأدب المكتوب بلغات غير الإنجليزية، فنجدها ترجمت أكثر من 500 عنوان مترجم عن 14 لغة أصلية، من أكثر من 65 دولة، هذا غير إصدارات الدار من الدراسات السياسية والإعلامية والثقافية والتي تتخطي الـ 2000 عنوان. كما أن للعربي حضور قوي على المنصات الإلكترونية، فضلًا عن توافر إصداراتها الورقية، وبعض الإصدارات المسموعة.

التأسيس

لقد استطاعت دار العربي للنشر والتوزيع أن تحقق المعادلة الصعبة؛ فهي تسعى لنشر ثقافات مختلفة تنفرد هي بالتعرض لها والترجمة عنها، وفي الوقت نفسه تجذب اهتمام الجمهور لهذا النوع من الأدب المترجم من لغات لم يعتد عليها القارئ العربي.

في سبعينيات القرن العشرين، وفي ظل أجواءٍ سياسية واجتماعية مضطربة في مصر، تأسست دار العربي للنشر والتوزيع على يد «إسماعيل عبد الحكم بكر» الذي كان يحلم بتأسيس دار نشر عربية تقدم للقراء أعمالًا أدبية وفكرية وثقافية عالية الجودة. وذلك بعد أن خبر عالم النشر في دراسته الأكاديمية بقسم المكتبات والمعلومات بكلية الآداب في جامعة القاهرة، ثم في عمله الطويل بمؤسسة الأهرام، وعمله خارج مصر في إدارة «دار الفتى العربي» التي كانت من الدور الرائدة في نشر كتب الأطفال العربية.

استهلت الدار نشاطها بنشر الكتب في كل المجالات المعرفية؛ السياسة والتاريخ والإعلام والمكتبات، وبعض الكتب المتخصصة في الفن والشعر والهندسة والعمارة والسير الذاتية. وخلال مسيرتها التي امتدت لأكثر من أربعين عامًا (حيث تتم الدار عامها الخمسين في 2025)، أصدرت العربي أعمالًا رائدة لكُتَّاب كبار خرجت كتاباتهم الأولى للنور مع تأسيس الدار وبفضلها، من أبرزهم مصطفى طيبة ومحجوب عمر وكامل زهيري ومحمد شعلان ورئيس حزب التجمع رفعت السعيد، والشاعر المصري الكبير محمد إبراهيم أبو سنة، وعماد أبو غازي، وعبد العزيز جمال الدين، وحسنين كروم. 

وكذلك نشرت الدار لعدد من الأكاديميين الكبار من أمثال شعبان خليفة، وعواطف عبد الرحمن، وليلى عبد المجيد، ومحمود خليل، ونللي حنا، وعماد هلال. وأصدرت بعض السلاسل الأكاديمية المهمة مثل «دراسات في الإعلام» و«دراسات في المكتبات». وكذلك كانت أول دار مصرية تنشر قواميس متخصصة في مجالات كالإعلام والمكتبات والمؤتمرات والمصطلحات السياسية والاستراتيجية.

عهدٌ جديد ونجاحات مستمرة

عقب وفاة مؤسس الدار تولى الأبناء شريف ورانية بكر استكمال مسيرة الأب في قيادة الدار، لكن بمهمةٍ جديدة هي تعريف القراء العرب بنوع آخر مختلف من الأدب، فكانت الترجمة عن اللغات غير المشهورة في المشهد العربي هي أساس عمل الدار. لتضم مكتبة الدار الآن ألوانًا شتى من الروايات والقصص والكتب المتنوعة والمتميزة من أكثر من 65 دولة من جميع أنحاء العالم، أغلبها من دولٍ غائبة عن خارطة الأدب المترجم إلى العربية مثل تركيا، والتشيك، وسلوفاكيا، وهولندا، والنرويج، والبرازيل، والأرجنتين، وكولومبيا، وبيرو، وأيسلندا، وغيرها الكثير.

ومن ضمن هذا التوجه الجديد اهتمت الإدارة الجديدة بتخريج جيلٍ جديد من المترجمين والمحررين والمصححين والمنسقين ومصممي الأغلفة، فأعطت الدار الفرصة للعديد من المترجمين بأن تكون ترجماتهم الأولى صادرة عن دار العربي، بعد تدريبهم على الترجمة والتحرير والكتابة.

وفي عام 2022، توَّجت الدار مسيرتها التي اقتربت من نصف قرن بالحصول على جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة فرع جهود المؤسسات والهيئات، وهي إحدى أهم الجوائز المتخصصة في الترجمة، وكانت العربي للنشر والتوزيع أول دار نشر مستقلة تفوز بها على الإطلاق، ورأى شريف بكر أن الجائزة تمثل «إشارةً» بأن الدار تسير على الطريق الصحيح.

ومثلت هذه الجائزة دلالةً على نجاح العمل المؤسسي الذي تنتهجه الدار، والذي يكمن سره، حسب قول مديرها شريف بكر، في وجود «تنظيم صارم للعمل، وتخطيط للواجبات بشكل واضح، وتحديد الخطوط التي يعمل الجميع وفقًا لها… وخروج أعمالنا بتلك الجودة لا يأتي من فراغ».

المؤسسية سبيل النجاح

يتجلى هذا العمل المؤسسي في كل خطوات عمل الدار. فمن حيث الانتقاء وعلاقات الدار، نجد شريف بكر يجول معارض الكتب والحقوق حول العالم بين فرانكفورت وريو دي جانيرو وليماسول باحثًا عن عيون الأدب العالمي الجديرة بالنقل إلى العربية، وموطِّدًا علاقات الدار والناشرين العرب بالناشرين الأجانب. وفي المقابل نجد رانية بكر قائمةً بقوة على إدارة العمليات اليومية للدار من إدارة ترجمةٍ وتحرير وطباعة وتوزيع وحسابات وغيرها.

ونتيجة هذا العمل المؤسسي، نجد لدار العربي حضورًا واسعًا في معارض الكتب العربية كلها، بجناحها المميز الذي يجذب الكثير من القراء المهتمين بالأدب العالمي المترجم. وفي المقابل، نجد لها حضورًا إلكترونيًّا بارزًا في العديد من منصات التوزيع والطباعة حسب الطلب مثل سماوي، ومنصات القراءة الإلكترونية مثل قارئ جرير، وأوفردرايف، وجوجل بلاي بوكس، وأبجد، ومنصات الكتب الصوتية مثل ستوريتل.

إن دار العربي للنشر والتوزيع نموذجٌ ناجحٌ لدار نشرٍ مستقلةٍ استطاعت أن تثبت وجودها على الساحة الثقافية العربية، وأن تترك بصمةً واضحةً في المكتبة العربية. وذلك بفضل شغف القائمين عليها، وحرصهم على نشر المعرفة والثقافة بين القراء العرب. وكذا بفضل العمل المؤسسي الذي تتبناه الدار.

Shares:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *