مقالات

حبسة الكاتب

هل تخاف من حبسة الكتابة أو الكاتب Writer Block؟ هل تقلق من توقف كلمك أو كيبوردك عن القراءة؟ أو أن يخرج ما تكتبه بشكل أقل جمالًا مما تتخيل إذًا يجب عليك قراءة هذا المقال.

في عام 1952 كتب رالف إليسون روايته الأولى «الرجل الخفي» التي حققت نجاحًا مبهرًا واختارتها مجلة التايم ضمن قائمة أفضل مئة رواية باللغة الإنجليزية من عام 1923 إلى عام 2005. لكن بعد ذلك، حاول رالف كتابة عمله الثاني واستمر قرابة أربعين عامًا دون أن يتمكن من ذلك حتى توفي في عام 1994. وبعد وفاته، وتحديدًا في عام 1999، جمع صديقه جون كلاهان محاولاته تلك، التي تخطت أكثر من ألفي صفحة، ونشرها في شكل مكثف في رواية من 368 صفحة، وحررها بالطريقة التي ظن أنّ إليسون كان سيعتمدها لكتابة الرواية.

يُشاع أنّ السبب الأساسي الذي منع إليسون من إنجاز عمله هو حبسة الكاتب. ولو أنّ لك تجارب مع الكتابة الإبداعية، فأنا على يقينٍ من أنّك قد مررت بتجربة مشابهة، فهذا شأن الكثير من الكتّاب. فما هي حبسة الكاتب؟ ولماذا هي واحدة من أهم إشكاليات الكتابة الإبداعية؟

ما هي حبسة الكاتب؟

حبسة الكاتب ببساطة هي الشعور بأن حبر قلمك قد جف وصوتك قد بُح وعقلك انقطع مدده. تجلس لتحدق في صفحتك الفارغة ولا تقدر على إنتاج أي محتوى. أو ربما تبدأ في كتابة عمل ما، لكنك لا تصل إلى النهاية أو النتيجة المنشودة. صاغ المصطلح لأول مرة في عام 1947 الطبيبُ النفسي إدموند بيرجلر. وفي عام 1950 نشر بيرجلر بحثًا عن الأمر عنوانه «هل حبسة الكاتب موجودة فعلًا؟». والحق أنَّ السؤال يستحق الطرح فعلًا، لأنّ هناك مدارس متنوعة في التعامل مع حبسة الكاتب، تتنوع بين الإيمان بوجودها والتصديق في آثارها، وبين الاعتقاد أنّها محض عذر أو مبرر لعدم الكتابة.

فمثلًا، أفصحت توني موريسون، الكاتبة الأمريكية الحائزة على جائزة نوبل عام 1993، عن اعتقادها بوجود حبسة الكاتب، إذ قالت: «إنني أخبر طلابي بوجود ما يدعى حبسة الكتابة، وعليهم أن يحترموها، لأنك لن تكتب طالما بقيتْ». بينما تقول ماري كي أندروز إنه:  «لا يوجد ما يدعى بحبسة الكتابة، فطالما تستطيع أصابعك النقر على لوحة المفاتيح، فستثمر نتيجة ما». وإذا بحثت عبر الإنترنت فستجد العديد من التجارب والأقوال التي تتحدث عن حبسة الكاتب. أما أنا شخصيًّا، فأؤمن بوسطٍ بين الرافضين والمؤيدين. وإذا كان هناك ما يُسمى بحبسة الكاتب فعلًا، فما نحتاجه الآن هو التفكير في كيفية التعامل معها، حتى نعود إلى الكتابة والإنجاز مرة أخرى.

تمهّل قبل الحكم على نفسك بحبسة الكاتب

يميل بعض الكتّاب إلى وصف أي عملية توقف عن الكتابة بأنّها «حبسة الكاتب»، دون التفكير في الأسباب ولا المدة ولا أي شيء. ولا يصح ذلك مطلقًا في رأيي، لأنني أؤمن بأنَّ توصيف المشكلة باسم معين يضاعف حجمها، فإذا أخبرتَ نفسك أنّك تعاني من حبسة الكاتب، فربما يقودك هذا فعلًا إلى الوقوع في فخها. 

لذا، تمهل قليلًا قبل حبس نفسك صديقي الكاتب. فإذا كانت المشكلة في أيامها الأولى فقط، فربما هي لحظات وستمضي ولا حاجة للقلق فيتفاقم الأثر. ولا أقول هنا أن تتجاهل الأمر لمجرد أنَّه في أيامه الأولى، بل بالطبع فكر في حلول لكنك لم تصل بعدُ إلى مرحلة الحبسة، أي يمكنك معالجة الأمر بطريقة أسهل، حتى على المستوى النفسي. وكذلك لا تحاول توصيف المشكلة بمرور فترة زمنية معينة، كأن تقول لنفسك سأنتظر ثلاثة أيام أو خمسة مثلًا أو أي رقم آخر، وسأنظر. فالكتابة لا تخضع لقواعد ثابتة، لذا قدِّر الأمر بمرونة وفقًا لوضعك الحالي مع الكتابة، وكذلك التحديات والأسباب التي تؤثر على حالتك، فربما كنت تواجه تحديات وضغوطًا في حياتك هي التي تقف في طريقك.

وأخيرًا، تأكد أنّ ما تعاني منه هو حبسة الكاتب فعلًا، فربما تخلط بينها وبين شيء آخر، مثلًا أنت فقط لم تجد فكرة مناسبة بعد لتكتب عنها، أو لا يمكنك العثور على المصادر المناسبة لاستخدامها في الكتابة.

5 أسباب تؤدي إلى حبسة الكاتب وكيف تعالجها بطريقة صحيحة

حبسة الكاتب حدثٌ يتكرر من وقت لآخر. لذا، السعي وراء معرفة أسبابها الحقيقية قبل البدء في أي إجراءات سيساعدك على حل المشكلة من جذورها. ولا يعني ذلك أنَّها لن تحدث مرة أخرى، لكن ستكون ساعتها أكثر وعيًا بالمشكلة، وقادرًا على اتّخاذ الحلول المناسبة لها. أمّا التركيز على السبب الظاهري فحسب فهو لا يكفي؛ إذ ستعالجه وربما تستغرق وقتًا وجهدًا في سبيل فعل ذلك، لكن في النهاية ستظل المشكلة قائمة غير قادرٍ على تجاوزها، وإذا فعلت، فسيكون ذلك لفترة مؤقتة. والآن دعني أحدثك عن خمسة أسباب تؤدي إلى حبسة الكاتب، وكيفية معالجة كل سبب بالطريقة الصحيحة.

1. الأفكار: إمّا قليلة جدًّا أو كثيرة جدًّا

عندما كتبتُ مقالي الأول، فكرت أنّني لن أقدر أبدًا على الوصول إلى المقال العاشر في رحلتي. بل كاد يمنعني ذلك عن الكتابة في بعض الأحيان، لأنني أنشغل في التفكير فيما هو قادم، ولا أركِّز فيما أكتبه. اليوم نجحت في تخطي عتبة المقال الألف، بعد مرور ثماني سنوات تقريبًا على بداية عملي في المجال.

المشكلة هنا على الحقيقة مشكلةٌ نفسية، فأنت تشعر بالتشتت لأنَّك لم تبدأ في الكتابة بعد، ويراودك الشعور أن الفكرة القادمة ستكون فكرتك الأخيرة فتخشى الكتابة. لكن الحقيقة أنَّ الأفكار ستتدفق بمجرد الانطلاق في الرحلة، ويمكنك تغذية عقلك بالأفكار دائمًا من خلال القراءة المستمرة وغيرها من طرق جمع الأفكار.

ومن ناحية أخرى يمكن أن تحدث حبسة الكاتب نتيجة وجود أفكار كثيرة جدًّا ترغب في الكتابة عنها، والسبب الأساسي في ذلك هو شعورك بالتخبط من كثرة الأفكار، ما يجعلك لا تكتب أيَّ شيء في النهاية. فكلما هممت بالكتابة، قلتَ لنفسك: لا، هذه ليست الفكرة الأنسب. في الواقع ما تحتاجه هو ترتيب أفكارك حسب الأولوية أو الأهمية بالنسبة لك أو أي معيار آخر، وبمجرد اختيار فكرة ابدأ ولا تتوقف، ودع الأفكار الأخرى جانبًا حتى تنتهي من هذه الفكرة.

2. لديَّ فكرة.. كيف أبدأ؟

تغلبتَ الآن على الأفكار، واخترت واحدة ترغب في العمل عليها. تجلس وتنظر إلى الصفحة البيضاء الفارغة؛ تواجهك معضلة: كيف أبدأ؟ لا أجد أفضل من وصف الكاتبة ستيفاني وايزمان لهذه الحالة إذ تقول:

«للأسف، يعاني الكثير من الكتَّاب من متلازمة الصفحة الفارغة. فلنعترف معًا بحقيقة أن الشروع في الكتابة أمرٌ مخيف. فبمجرد رؤية مؤشر الكتابة يومض فوق الشاشة ساطعة البياض، تدرك أن عليك تأليف ثلاث صفحات أو عشر أو عشرين من النصوص بمفردك. وهذا وحده كاف لإصابتك بحبسة الكاتب».

إن الطريقة الأفضل للبدء في تقديري هي التحلِّي بعقلية المبتدئين أو عقلية الطفل، حيث نتخلى عن موقفنا والظن أننا نعرف كل شيء، ونتبنى موقف الفضول والاهتمام والبحث وراء الفكرة. وبدلًا من التركيز على الكتابة المباشرة، اطرح الأسئلة حول الفكرة، واسعَ لاكتساب المزيد من المعرفة عنها، وتواصل مع الآخرين للحصول على أفكارٍ ورؤًى تساعدك على الكتابة.

3. الخوف من ردود الأفعال

«كنت أشعر بالخوف مما قد يقوله أو يعتقده الناس بعد قراءة ما كتبت. لستُ خائفًا بعد الآن، فحين أكتب فأنا لا أحاول أن أُثبت أيَّ شيء للآخرين، فأنا فقط أعبر عن ذاتي وآرائي. لا بأس إن اختلفتْ آرائي والقراء، فكل منا لديه أفكاره الخاصة». بانغامبيكي هابياريمانا

يمكن أن يؤدي خوفك من ردود الأفعال إلى حبسة الكاتب، حيث تعجز عن الاستمرار في الكتابة؛ خوفًا ألَّا تنتج عملًا يلقى القبول والإعجاب من الآخرين. من المهم في هذه الحالة تفهمك لكون آراء الآخرين ليست بالضرورة مقياسًا لتقييم عملك، فنحن في النهاية نختلف فيما بيننا، ولكلٍ منَّا رأيه وتقييمه، وكما يُقال دائمًا: «لولا اختلاف الأذواق؛ لبارت السلع». لذا تذكَّر هدفك من الكتابة، وأنَّك تهتم بالكتابة للتعبير عن رأيك وأفكارك. ولا يعني ذلك أبدًا تجاهل آراء الآخرين وعدم الالتفات للنقد، لأنَّه وسيلة مهمة للتحسن وسيساعدك على تطوير كتابتك. ما تحتاجه هو التعلم من التجربة والاستماع للنقد واستخدامه أداةً لتقديم أداء أفضل في كتاباتك القادمة، وتذكَّر ألَّا تأخذ النقد على محمل شخصي، فالنقد لا يوجَّه لشخصك لكن لمحتواك فقط.

4. الكمال والمثالية

الكمال والمثالية العدو اللدود للكاتب في رحلته، يقفان في طريقه ويعيقانه عن الكتابة، وهو ما يصيبه بحبسة الكاتب. من المفهوم بالطبع أنَّك ترغب في إنتاج عمل متكامل لا مثيل له، لكن ذلك لا يحدث بسهولة. ربما يكون الوصف التالي قاسيًا، لكن المثالية ما هي إلا وهم. لماذا؟ لسببين؛ أولهما أنَّ معاييرنا مختلفة تمامًا، وبالتالي لن نتفق على تعريف هذه المثالية مطلقًا. فأنا سأظن أنَّ عملي مثالي، وسيأتي أحدهم وينقده، ما يجعل المثالية مجرد فكرة لا حقيقة لها. وثانيهما أنَّه مع تطورنا في الكتابة، سننقد نحن بأنفسنا أعمالنا السابقة، بل ربما نضحك عليها، وهو ما يعني أنَّها لم تكن مثالية على الحقيقة.

لذا، فالحل هو أن نستبدل بمفهوم الكمال التحسن والاستمرارية في الكتابة، وهو ما تصفه الكاتبة أوكتافيا بتلر بقولها «إنك لا تبدأ أبدًا بكتابة نصوص جيدة، لكنك تبدأ بكتابة هراء تظن أنه نصوص جيدة، وبالتدريج تتحسن مهارتك. لذا أقول دومًا إن إحدى أهم الصفات المفيدة هي المثابرة».

5. النقد الذاتي

«أن تسمح لذاتك بارتكاب الأخطاء، سيحررك في النهاية من حبسة الكاتب». نيراج أغنيهوتري

أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى حبسة الكاتب، هي النقد الذاتي المستمر. فكلما كتبتَ شيئًا قلتَ لنفسك إنه ليس جيدًا بالقدر الكافي، أو وضعت نفسك في مقارنة دائمة مع الآخرين وكتاباتهم، وظننت أنَّه بإمكانهم الكتابة أفضل منك. وفي الحقيقة، النقد الذاتي مهم في الكتابة، لكن سل نفسك: إذا لم أمتلك أي شيء حقيقي ومكتوب، فكيف سأنقده أصلًا؟ ابدأ في الكتابة أولًا، ثم انقد ما كتبته، مع الأخذ في الحسبان أهمية أن تتعلم الطرق الصحيحة للنقد الذاتي الموضوعي.

كذلك لا تقارن نفسك بالآخرين، فالكتابة تتميز بأنَّها رحلة فردية وشخصية تمامًا، جوهرها هو الإبداع والتميز. فأن تضع ذلك في مقارنة مع غيرك يعني ببساطة أنّك تلغي تميزك الشخصي وتفردك، وتصنع من نفسك نسخةً من كاتب آخر، ولن ينفعك ذلك أبدًا في رحلة الكتابة.

6 نصائح مهمة للتغلب على حبسة الكاتب

إلى جانب الأسباب الماضية وعلاجها، هناك بعض النصائح المهمة للتغلب على حبسة الكاتب؛ مُستلهمة من تجارب الكتَّاب ونصائحهم في التعامل مع هذا الموقف. بالطبع يمكنك اختيار ما يناسب حالتك منها، وأنصحك أيضًا أن تطوِّر طرقك الخاصة للتعامل مع الأمر.

1. اكتب كتابة حرة

«الكتابة عن حبسة الكاتب أفضل من عدم الكتابة على الإطلاق». تشارلز بوكوفسكي

لنفترض أنك تعاني الآن من حبسة الكاتب، أي أنَّك غير قادر على تطوير الأفكار لتخرج بالطريقة التي تفضلها. فلماذا تصر إذن على تقديم كتابة متخصصة؟ الكتابة المتخصصة هنا أقصد بها الكتابة التي تهدف لنتيجة محددة، فتتطلب جهدًا أكبر، وتحتاج إلى إجهاد عقلي أكثر. لذا بدلًا من الكتابة التخصصية، الجأ إلى الكتابة الحرة بلا هدف أو غرض محدد منذ البداية. فكر في الأمر باعتباره كتابةً تعيدك إلى حظيرة الكتَّاب، حتى لو كان مصير النص المكتوب هو المجهول، وحتى إن كنت ستكتب عمَّا تشعر به وأنت في حبسة الكاتب.

2. لا تهتم بجودة الكتابة

«حينما تعاني من حبسة الكاتب، عليك فقط أن تقلل من معاييرك وتستمر في الكتابة». ساندرا تسينغ

إن أحد أكبر أسباب حبسة الكاتب هو عدوك اللدود؛ المثالية. إذ تجعلك المثالية قلقًا على الدوام بشأن النتيجة النهائية لكتابتك، وبالتالي لا تبدأ في الكتابة من الأساس. وفي سبيل التغلب على هذا العدو، اكتب دون تركيز على جودة الكتابة نفسها. خفِّض معاييرك وركِّز على المحاولة. اكتب ولا تفكِّر أصلًا أنَّ هذا المحتوى قابل للنشر على الإطلاق، بل هو محتوى قد تحذفه تمامًا بعد الانتهاء من الكتابة.

3. اكتب دون انتظار نتيجة معينة

«لا تتوقف لأنك تعاني من حبسة الكاتب. أنهِ الصفحة حتى لو انتهى الأمر بمجرد كتابتك لاسمك. فحبسة الكاتب ستتوقف إن لم تستسلم. تذكر أن الكتابة عادة بدنية إلى جانب كونها -أيًّا ما تؤمن به- مهنة، وموهبة، وعبقرية، وفنًّا». إيزابيل هولاند

هل ستحصل على نتيجة في كل مرة تجلس للكتابة؟ لا، ليس شرطًا، خصوصًا عندما تعاني من حبسة الكاتب. واعتقادك أنَّك لا بد أن تكتب شيئًا سيصيبك بالإحباط أحيانًا من النتيجة النهائية. لذا، اكتب ولا تنتظر الحصول على نتيجة معينة، حتى إذا انتهى بك الأمر لمجرد الجلوس دون كتابة أي شيء، فهذه خطوة على الطريق، وفي المرة القادمة قد تكتب شيئًا. ركِّز فقط على المحاولة، ولا تلقِ باللوم على ذاتك إذا لم تنجح، وعد لتكرارها مرة أخرى.

4. قسِّم كتابتك إلى أجزاء

«إن السر في التقدم هو أن تبدأ. والسر في البداية هو تقسيم المهام المعقدة إلى مهام صغيرة سهلة الإدارة، ثم البدء في المهمة الأولى». مارك توين

التخطيط للكتابة والتفكير في العمل كاملًا يؤثر على الإنتاجية بلا شك؛ فذهنك يفكِّر في أمور عديدة في الوقت ذاته. فإذا كنت تعاني من حبسة الكاتب، فلا تجهد عقلك بالتفكير في كل شيء معًا، قسِّم كتابتك إلى مجموعة من المهام، وركِّز على مهمة واحدة في كل مرة، ثم انتقل إلى المهمة التالية.

5. ضع لنفسك نظامًا للعمل والتزم به

«إنني أكتب فقط حين أشعر بالإلهام. ولسعادتي فإني دائمًا ما أشعر بالإلهام في التاسعة من كل صباح». ويليام فوكنر

دعني أخبرك في هذه النقطة أنني من المدرسة التي لا تؤمن بحبسة الكاتب تفسيرًا لعدم الكتابة في كل مرة، بل أؤمن عوضًا عن ذلك بممارسة الكتابة في نظام محدد وثابت، وهذا ما يساعدني على الالتزام بالإنتاج الدائم وفقًا لروتين الكتابة المحدد. فإذا لم أكتب اليوم فلا مشكلة، سأعود لتكرار الأمر من جديد في هذا الوقت المحدد غدًا.

ودعني أخبرك أنَّه من الجيد أن تضع لنفسك نظامًا للعمل، وأن تجبر نفسك على الجلوس ومحاولة الكتابة. ربما لا تصل لأفضل نتيجة في البداية، لكن مع تكرار المحاولة قد تحقق النتيجة المنشودة، وتتغلب على حبسة الكاتب.

6. مارس أنشطة أخرى

«إذا واجهتك مشكلة، فابتعد عن مكتبك. تمشَّ؛ استحم؛ اذهب للنوم؛ اصنع فطيرة؛ ارسم؛ استمع إلى الموسيقى؛ تأمل؛ مارس التمارين الرياضية. مهما فعلت، لا تبق هناك عابسًا في وجه المشكلة». هيلاري مانتل

إذا واجهت حبسة الكاتب، فقد يكون من الذكاء أحيانًا أن تخرق نظامك، وألَّا تجبر نفسك على الكتابة والمحاولة، بل بدلًا من ذلك تمارس أنشطة أخرى تحبها وتجدد طاقتك، مثل: المشي أو الخروج مع الأصدقاء أو التأمل والاسترخاء أو القراءة. كل هذه الأنشطة قد تحرر عقلك من الضغط، وتعيدك إلى حالة الكتابة مرة أخرى.

كيف يخطئ الناس في التعامل مع حبسة الكاتب؟

في بعض الأحيان يلجأ الكتاب إلى بعض الأفعال؛ ظنًّا منهم أنَّ هذا يساعد على التعامل مع حبسة الكاتب. بينما في واقع الأمر هذا ليس صحيحًا، بل هذه الأفعال قد تؤدي إلى تفاقم المشكلة. من بين هذه الأفعال:

1. انتظار الإلهام

يعني ذلك أنَّك ستنتظر كثيرًا، ربما للأبد. عندما تعاني من حبسة الكاتب، فانتظار الإلهام ليس حلًّا للخروج منها، بل قد يكون سببًا في طول المدة، وبالتبعية زيادة الأثر السلبي للمشكلة. فلا تنتظر الإلهام وابدأ في الكتابة.

2. الشعور بالغضب من نفسك

يوجِّه بعض الكتَّاب غضبَهم من حبسة الكاتب إلى أنفسهم، ولا يتقبلون أنَّها حالة يمر بها الجميع بلا استثناء. في الحقيقة لا يؤدي شعورك بالغضب من نفسك إلى حل المشكلة، لكنه يجعل ذهنك مشوشًا وممتلئًا بالأفكار السلبية. تقبل ما أنت عليه، وحوِّل جهدك للبدء في الكتابة.

3. المماطلة وتقديم الأعذار

سأبدأ عندما تكون الساعة الثامنة؛ حسنًا لا يوجد وقت اليوم، سأبدأ الكتابة غدًا؛ هذا الأسبوع مزدحم بالمهام، سأبدأ الأسبوع القادم؛ إن القاسم المشترك بين هذه الأعذار هي المماطلة والتسويف. كل ما تفعله هو أنَّك تترك حبسة الكاتب تزداد، بينما كل ما تحتاج إليه هو البدء دون الاهتمام بأي أمر آخر.

4. الهروب بالحلول الأخرى

من ضمن نصائح التعامل مع حبسة الكاتب هي ممارسة الأنشطة الأخرى. لكن من المهم ألَّا تكون هذه الحلول وسيلة للهرب المستمر، فتخرج لقضاء كل وقتك مع الأصدقاء، أو تنهمك في القراءة حتى وقت النوم، ثم تعود لتكرار الأمر في اليوم التالي. هذه الحلول للمساعدة فقط لا للهرب من الكتابة، واجه الأمر وقاوم حبسة الكاتب بالمحاولة المستمرة.

5. قراءة مقالات عن حبسة الكاتب

أتذكَّر عند قراءة هذه النصيحة للمرة الأولى، وكاتبها يسخر من نفسه؛ فهو يكتب عن حبسة الكاتب ثم يقول لك إنَّ القراءة عنها لا تحل المشكلة! لكن سرعان ما أدركت أنَّها قد تكون النصيحة الأهم للتغلب على حبسة الكاتب. فبعض الكتاب يقضون أوقاتهم في البحث عن الحلول في مقالات ومقاطع مصورة، لكن إلى متى ستظل تبحث عن الموضوع؟ أنت فقط بحاجة إلى المحاولة، والإدراك أنَّه لا توجد حلول سحرية صديقي الكاتب. كل ما تحتاج إليه هو الإيمان بقدرتك على التعامل مع حبسة الكاتب، وأن تبدأ الآن في الكتابة. 

وسامحني إن كنتُ قد خدعتك بأن جعلتُ هذا العنصر خاتمة مقالي لا بدايته، كي لا تنفر مني من أول سطر.

مصادر للاستزادة:

Shares:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *