اتفق كثيرٌ من العلماء والحكماء على أن القراءة والعلم هما الخطوة الأولى التي يجب على المرء أن يأخذها حتى يصل بعقله إلى أفقٍ جديد، وهي المُحرّك الرئيسي الذي قامت عليه التكنولوجيا الحديثة. وبالرغم من أن القراءة كانت قديمًا غير مُتاحة للجميع، حيث كان الناس يحتاجون للذهاب إلى المكتبات والتجَّار للحصول على الكتب التي يُريدونها، إلا أن الأمر في عصرنا الحديث بات أكثر سهولة من أي وقتٍ مضى. وتُعد التكنولوجيا الحديثة أحد أهم الأسباب في حدوث ذلك، حيث ظهرت الكتب الإلكترونية وأجهزة القراءة الإلكترونية الحديثة.
وبالحديث عن أجهزة القراءة الإلكترونية، فقد تربَّع جهاز كيندل مكانة أفضل قارئ إلكتروني فترة طويلة للغاية، الأمر الذي جعل الكثير من المُهتمِّين بمجال القراءة الإلكترونية يعتقدون أنه القارئ الإلكتروني الوحيد الجيد في السوق. ولكنَّ الحقيقة غير ذلك، حيث إن هناك بالفعل العديد من بدائل كيندل في الوقت الحالي. فبعد أن تُتم قراءة هذا المقال، ستُدرك يقينًا أن جهاز كيندل ليس القارئ الإلكتروني الوحيد!
لكن، ما هي أجهزة القراءة الإلكترونية أصلًا؟
ابتُكِر مفهوم الكتاب الإلكتروني لأول مرة في عام 1930، أي تقريبًا في الوقت نفسه الذي ظهرت فيه الكتب التقليدية ذات الغلاف الورقي لأول مرة على الرفوف. وقد كتب الكاتب بوب براون لأول مرة عن فكرته حول القارئ الإلكتروني الذي يسمح للقراء بقراءة الكتب على الشاشة بعد مشاهدة أول Talkie؛ وأطلق على الجهاز Readies على الوزن نفسه لكلمة Talkie.
كانت فكرة هذه الأجهزة التي سمَّاها بوب Readies بسيطة للغاية (قراءة الكتب بشكل أسرع بكثير من قدرتهم على قراءة الكتب المطبوعة). وبالإضافة إلى تحويل الكتب إلى ملفات رقمية، ستقوم فكرة براون أيضًا على استبدال أعداد هائلة من رموز بورتمانتو بالكلمات العادية واستخدام أنواع جديدة من علامات الترقيم لمحاكاة الأفعال والحركات وغير ذلك. وبالرغم من أن المبدأ العام وهو قراءة الكتب على الشاشة أصبح واقعًا بالفعل مع أجهزة القراءة الإلكترونية والكتب الإلكترونية، إلا أن ما دون ذلك من أفكاره لم ترَ النور منذ ذلك الحين.
مع مرور السنوات، تطوَّرت أجهزة القراءة الإلكترونية، أو لنَقُلْ الأفكار التي تطمح لقراءة الكتب على الأجهزة الإلكترونية شيئًا فشيئًا، حتى ظهرت لنا الكتب الإلكترونية أخيرًا مع حلول عام 1971، مُنح مايكل س. هارت الطالب بجامعة إلينوي، وقتًا غير محدود للكمبيوتر على حاسوب زيروكس ضخم في مختبر أبحاث المواد، والذي كان يستخدم بشكل أساسي لمعالجة البيانات ولكنه كان متصلًا أيضًا بشبكة ARPAnet (الذي كان يُعتبر النسخة الأولى من الإنترنت).
كان هارت قد حصل حينها على نسخة من كتاب «إعلان الاستقلال»، والذي ألهمه كتابته بالكامل على الكمبيوتر ليكون مُتاحًا للتنزيل عبر شبكة ARPAnet. هذا الملف -الذي أصبح معروفًا على أنه أول كتاب إلكتروني من قبل العديد من المؤرخين- تم تنزيله بواسطة ستة أشخاص فقط!
بعد مرور أكثر من عشرين سنة على بداية ظهور الكتب الرقمية أو الـeBooks، قامت شركة E Ink Corporation في عام 1997 بتطوير تقنية تسمح للشاشات الرقمية بعكس الضوء تمامًا مثل الورق العادي دون الحاجة إلى إضاءة خلفية. وقد كان جهاز Rocket eBook هو أول جهاز قارئ إلكتروني تجاري يستخدم هذه التقنية.
استُخدِمتْ هذه التقنية في نهاية المطاف من قبل العديد من الشركات المصنعة الأخرى لإنشاء أجهزة قراءة إلكترونية جديدة، بما في ذلك جهاز Amazon Kindle، الذي تم إصداره في عام 2007 وأصبح القارئ الإلكتروني الأكثر شعبية في العالم.
توفر العديد من الشركات التي تقدم أجهزة القارئ الإلكتروني أو حتى تقوم بنشر الكتب الإلكترونية تطبيقات يمكن استخدامها على مجموعة متنوعة من الأجهزة، بما في ذلك الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر.
لا يفوتك: دار خولة .. متاهة غياب اللغة
ما الذي يجعل أجهزة كيندل مميزة؟
كما أشرنا منذ قليل، تُعد أجهزة كيندل -بالرغم من وجود العديد من بدائلها في الوقت الحالي- بالنسبة للكثيرين هي الأفضل عندما نتحدث عن أجهزة القارئ الإلكتروني. ولعل السبب الرئيسي في ذلك هو أنها من أوائل الأجهزة التي ظهرت في السوق، مما يُعطي شركة أمازون المُصنِّعة لها ميزة كبيرة مقابل المنافسين. ولكن ما هي الميزات الأُخرى التي تجعل منها الخيار الأفضل بالنسبة لبعضهم؟ لنستعرض معًا ما تُقدِّمه تلك الأجهزة.
حتى أكون صريحًا في حديثي اليوم، لا شك أن أجهزة كيندل تُعد أفضل أجهزة القراءة الإلكترونية على الإطلاق. فمن السهل جدًّا الحصول على كتب إلكترونية جديدة من أمازون مباشرة، كما أن تكامل Overdrive يجعل من السهل التحقق من الكتب من المكتبات المحلِّية على الفور.
بالرغم من أن شاشات الحبر الإلكتروني موجودة في معظم أجهزة القارئ الإلكتروني التي في السوق، إلا أنها في العادة بطيئة بعض الشيء عند التفاعل معها، ولكن أجهزة كيندل على النقيض تتميَّز بالاستجابة الأسرع تقريبًا في السوق. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن كيندل تشهد دائمًا تخفيضات كبيرة عدة مرات في السنة، خاصة في Amazon Prime Day وBlack Friday، لذا حاول انتظار التخفيضات. وهناك الكثير من الأجهزة التي توفرها أمازون، لكن أحدث إصدار من Kindle Paperwhite هو المفضل لدى الكثيرين. تأتي هذه الأجهزة أيضًا مُقاومة للماء، مع شاشة مقاس 6.8 بوصة بإضاءة دافئة قابلة للتعديل حتى تتمكن من القراءة في السرير. تدعم نسخة Signature من الجهاز الشحنَ اللاسلكي، ويحتوي على ضوء أمامي يمكن ضبطه تلقائيًّا، ومساحة تخزين أكبر تصل إلى 32 جيجابايت. لكن سعة 8 غيغابايت المتوفرة في Paperwhite القياسي كافية، إذ يمكنها استيعاب آلاف الكتب. وهناك إصدار Paperwhite Kids أيضًا.
أفضل بدائل كيندل المتاحة في السوق
كما أشرنا في البداية، توفِّر أجهزة كيندل الكثير من الميزات الفريدة التي ستجعل تجربة القراءة الإلكترونية الخاصَّة بك أسهل بلا شك. ولكن كما ذكرنا في بداية المقال أيضًا، كيندل ليس القارئ الإلكتروني الوحيد، حيث توجد هناك العديد من بدائل كيندل المميزة. وبالنسبة لشخصٍ مثلي لا يُحب فكرة الاحتكار -ولأسباب أخلاقية وشخصية أُخرى- فإنِّي أُفضِّل دائمًا البحث عن البدائل المُتاحة. ولحسن الحظ، بالنسبة لأجهزة القارئ الإلكتروني، فإن هناك الكثير من البدائل المميزة التي ستوفّر لك بكل تأكيد تجربة تُنافس كيندل وبأسعار أقل أيضًا.
أجهزة كوبو Kobo
أرى أن الجهاز الأفضل في الوقت الحالي هو جهاز Kobo Libra 2. فهو مقاوم للماء، ويحتوي على أزرار فعلية لقلب الصفحات، ويوجد دعم Bluetooth حتى تتمكن من توصيل سماعات الرأس والاستماع إلى الكتب الصوتية. يمكنك الحصول على مساحة تخزين تبلغ 32 غيغابايت وشاشة حبر إلكتروني سريعة مقاس 7 بوصات، والتي تحتوي على ضوء أمامي قابل للتعديل وحتى وضع مظلم يوفر نصًّا أبيض على خلفية سوداء لتسهيل القراءة في الظلام على العينين.
أجهزة بوكس Boox
لا شك أن أجهزة كيندل توفِّر ميزات فريدة للغاية لمُحبِّي القراءة الإلكترونية، ولكن إذا كنت تبحث عن قارئ إلكتروني من بدائل كيندل ولكن بقدرات قد تتجاوز قدرات Kindle نفسه، فيُمكننا القول إن هذه الأجهزة هي أجهزة Boox. السبب الرئيسي في ذلك هو أن هذه الأجهزة تأتي بميزات تُضاهي تلك التي توفِّرها أجهزة iPad تقريبًا، ولكن مع ميزة الحبر الإلكتروني المُريح للعين.
فسواء كنت تُحب الشاشات الكبيرة الحجم في عملية القراءة، أم تُفضِّل العمل مع نظام تشغيل Android (وهو ما سيوفِّر لك القدرة على تنزيل التطبيقات، وتدوين الملاحظات أو حتى إنشاء الرسوم والفنون)، فمن المؤكد أن ترسانة أجهزة Boox تستحق النظر إليها.
أجهزة NOOK من Barnes & Noble
تُعد أجهزة القارئ الإلكتروني من Barnes & Noble أحد أقدم الأجهزة الموجودة في السوق، حيث إنها ظهرت لأول مرة في عام 2011، وهو ما جعلها تحصل على الكثير من الوقت للنضوج مع مرور السنوات. ولكنك ستحصل على كتبك من متجر Barnes & Noble، لذا فمن الأفضل أن تبحث عمَّا توفره مكتباتهم مقارنة بمكتبات أمازون. لكن بشكلٍ عام، فإن جهاز NOOK يعد أحد بدائل كيندل المميزة والمتوافرة.
يعمل Nook على إصدار معدل من Android، ومن الممكن تعديل الجهاز للسماح بتنزيل التطبيقات والتخصيص وغير ذلك من الأمور التي يوفِّرها نظام الأندرويد مفتوح المصدر، مقارنةً بنظام تشغيل أمازون المغلق.
يتوفر لدى Barnes and Noble الآن ثلاثة أجهزة Nook Glowlights وجهاز لوحي واحد من Nook. ويعتبر جهاز 4Plus هو الخيار الوحيد المقاوم للماء، ويحتوي على أكبر شاشة بقياس 7.8 بوصة، مع مساحة تخزين تبلغ 32 جيجابايت. يأتي الجهاز مع أزرار تقليب الصفحة الفعلية، ويوجد مقبس سماعة رأس للاستماع إلى الكتب الصوتية، ويمكنك أيضًا توصيل زوج Bluetooth. لذا وبشكلٍ عام، يُعد جهاز NOOK GlowLight 4e هو الجهاز الحالي الوحيد عالي الجودة تقريبًا، ويُمكنك أيضًا شراء أجهزة NOOK الأقدم.
أجهزة Likebook
إذا كُنت قارئًا مُخضرمًا في مجال أجهزة القارئ الإلكتروني، فقد تكون قد سمعت عن أجهزة Likebook. فعلى الرغم من أنها ليست اسمًا مألوفًا في السوق، إلا أن أجهزة القراءة الإلكترونية من Likebook تُعتبر من بدائل كيندل الموفِّرة للميزانية، والمليئة بالميزات الممتازة مقابل سعرها.
تتميز أجهزة Likebook الرائدة بالقدرة على تنزيل تطبيقات Android مما يُسهِّل الحصول على الكتب رسميًّا، وقراءة الأخبار، وتغيير درجة حرارة لون الإضاءة الخلفية، وغير ذلك من الوظائف. كما أنها تتمتَّع بشاشات عالية الدقة (لقراءة الكتب المُصوَّرة). وتُعتبر نسختا Boyue Likebook Mars OCTA-CORE وBoyue Likebook P6 هما النسختين الأكثر تميُّزًا في الوقت الحالي.
بعض الترشيحات الإضافية
إذا كنت تبحث عن جهاز يعمل بالحبر الإلكتروني ومُخصَّص لتدوين الملاحظات «المكتوبة بخط اليد»، فإن جهازي Kindle Scribe بسعر 340 دولارًا وKobo Elipsa 2E بسعر 400 دولار سيوفِّران لك هذه الميزة، وذلك بفضل الأقلام المضمنة التي تسمح لك بكتابة الملاحظات على ملفَّات PDF، وعمل العلامات والرسومات وغير ذلك. كما يتمتَّع الجهازان بشاشة كبيرة بحجم 10.3 بوصة لسهولة القراءة والكتابة. وإذا كانت كل هذه الخيارات المذكورة أعلاه لا تناسبك، فمن الممكن أن تُفكِّر في أجهزة Kindles وKobos وNooks القديمة إذا كان بإمكانك العثور عليها بسعر رخيص.
اقرأ أيضًا: الإخراج – الجزء الرابع من سلسلة أدب الرحلات
بدائل كيندل كثيرة، فقط حدِّد ما تُريد
حسنًا، وصلنا الآن إلى نهاية رحلتنا. وكما رأينا، هناك العديد من بدائل كيندل الموجودة في السوق، والتي ستوفِّر لك التجربة نفسها وبأسعار أقل كثيرًا أو حتى بأسعار منافسة على أقل تقدير. لكن المميز في الأمر أن الكثير من هذه الأجهزة تأتي مزوَّدة بنظام أندرويد مفتوح المصدر والذي سيوفِّر لك المزيد من الأريحيَّة في التعامل مع التطبيقات والكتب وغير ذلك. كما أنه سيوفِّر لك حلًّا بعيدًا عن أمازون نفسها، في حال كنت من رافضي التعامل معها بسبب مواقفها وسياساتها وقيودها التي تضعها على تطبيقاتها.
فقط كل ما عليك فعله هو عمل بحث بسيط عن هذه الأجهزة لمعرفة أسعارها ومميزاتها، ومقارنتها بما تُريده أنت وتبحث عنه، حتى لا تقوم بشراء جهاز بمواصفات أعلى أو حتَّى أقل مما تُريد. فقط حدِّد أولويَّاتك ثم اختر الأنسب لك.
المصادر
قد يعجبك أيضاً
التخطيط لرحلتك لا يقتصر على تفاصيل السفر فقط، بل يشمل المزيد
اكتشف جمال "أدب الرحلات" بطريقة جديدة؛ حيث لا تكمن المتعة المزيد