لا أحب القراءة الإلكترونية. «أحب الكتب، أحب الشعور بالورق بين يديَّ».

لكنني سأكون ديمقراطية بما فيه الكفاية وأقدم لكم مميزات القراءة الإلكترونية وعيوبها، وذلك لتعرفوا أنني مُحِقة. لكن قبل أن نبدأ في سرد الإيجابيات والسلبيات ومناقشة تفاصيل كل منهما، دعونا نوضح ما سيطرحه هذا المقال بالضبط.
يعد مصطلح القراءة الإلكترونية عامًّا وشاملًا للكثير من صور القراءة المعتمدة على جهاز إلكتروني. فعندما نذكره، يمكن أن يكون معناه القراءة باستخدام الهاتف المحمول، أو الحاسوب الشخصي المحمول، أو الحاسوب اللوحي، أو جهاز إلكتروني مخصص للقراءة مثل كندل.
لكنني لن أتطرق إلى إيجابيات كل تلك الصور وعيوبها؛ ليس لما قد يتسبب فيه ذلك من طول المقال، بل لأن الهواتف والحواسيب ليست مخصصة للقراءة، ولا تمثل مستقبل القراءة، وتم تداول العديد من المقالات بشأن إيجابيات القراءة باستخدامها وسلبياتها. لذا، سيعرض هذا المقال مميزات كندل فقط وعيوبه، وذلك لما مثَّله في وقت إطلاقه لعديد من القراء كأداة قادمة من المستقبل.
مميزات القراءة الإلكترونية على كندل
على الرغم من عدم تفضيلي للقراءة الإلكترونية بشكل عام والقراءة على كندل بشكل خاص، فأنا لا أنكر أبدًا أن بعض مميزاته جعلت منه الخيار الأمثل لبعض القراء، وأعترف أنني انجذبت لفكرته بعض الوقت. لنلقِ أولًا نظرة على النقاط الإيجابية:
1. سهولة التنقل
إذا كنت لا تحب حمل الكتب التي تقرؤها في طريقك إلى عمل، فلن يصعب عليك حمل كندل. وتخيل إذا كنت ذاهبًا في عطلة لمدة أسبوع تقريبًا، سيكون وزن كندل أخف كثيرًا من وزن الرواية التي اخترتها لتلك العطلة.
وستشعر بالفرق حقًا إذا كانت مدة سفرك طويلة، فمهما كنت محبًا للكتب، فلن تقوى على حمل ما يقرب من عشرة كتب. فأي حقيبة سفر تلك التي ستكفي كل ما تحتاجه في خلال فترة سفرك بالإضافة إلى كل تلك الكتب؟ بالتأكيد سيصبح كندل في كل تلك الحالات الخيار الأسهل والأخف.
2. التنوع
تخيل أنك دخلت إلى أكبر مكتبة في العالم، حيث يمكنك أن تجد كتبًا من جميع البلدان وبكل اللغات وفي كل الموضوعات. هذا القدر الهائل من اللا محدودية يمكنك دائمًا من اختيار الكتاب الأنسب لك حسب الحاجة بغض النظر عن موقعك الجغرافي. فببساطة شديدة، يمكنني أن أقول إن كندل يجعل عالم الكتب بين يديك.
3. عرض الكتب بأسعار منافسة
إذا كانت عملية النشر الإلكتروني أقل تكلفة من النشر التقليدي، فبالطبع ستكون أسعار الكتب الإلكترونية أقل من أسعار الكتب المطبوعة، وهذه هي الحال على كندل. بالإضافة إلى ذلك، ستجد الكثير من الكتب المجانية سواء على متجر كندل أم على مواقع إلكترونية مجانية مثل مشروع جوتنبرج الذي يقدم الكتب التي سقطت حقوق ملكيتها الفكرية سواء بالتقادم أم بالتنازل.
4. القراءة ليلًا
إذا كان وقتك ضيقًا ولا يسعك للقراءة في النهار فتضطر إلى القراءة ليلًا، أو إذا كنت كثير السفر وتمضي ساعات سفرك ليلًا في القراءة، فلن تساعدك الكتب في ذلك. حتى لو كان بجوارك مصباح للقراءة، فسيكون ذلك مجهدًا لعينيك، أما كندل فمزود بإضاءة خلفية غير قوية للقراءة ليلًا.
5. الإسهام في الحفاظ على البيئة
مع تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري، اتجهت الأغلبية العظمى إلى ممارسات تسهم في الحفاظ على البيئة. تشمل تلك الممارسات عدم قطع الأشجار لاستخدامها في جميع الصناعات، واستبدال مخلفات المحاصيل الزراعية بها قدر الإمكان. ولذلك، يُفضَّل الحد من تصنيع الورق واستخدامه، بالتالي يُعد كندل خيارًا صديقًا للبيئة. تخيل فقط كم شجرة قد تسهم في إنقاذها على مدار عام واحد، أو على مدار عمرك كله.
6. الخواص الإضافية المميزة
يتميز كندل ببعض الخواص التي لا تملكها الكتب. ولا أقصد بذلك أن الكتب فكرة فاشلة، لكن بعض الأدوات التي تتيحها لنا التكنولوجيا أصبحت تبدو ضرورية. تشمل تلك الخواص البحث في الكتاب، والبحث عن كلمة في القاموس أوتوماتيكيًّا، والترجمة.
فبدلًا من أن تبحث بعينيك وأنت تنتقل بين الصفحات يمينًا ويسارًا عن كلمة أو مقولة أو فكرة أردت العودة إليها، يمكنك أن تفعل ذلك بالكبس على بضعة أزرار. كما أن تلك الطريقة مضمونة على عكس البحث في الكتاب المطبوع بنفسك الذي قد يبوء بالفشل. أما القاموس، فبدلًا من أن تبحث في أحشائه عن كلمة جديدة قرأتها في كتاب، يمكنك ببساطة أن تظلل الكلمة وتبحث عنها في القاموس لترى معناها. وهكذا الأمر بالنسبة للترجمة.
سلبيات القراءة الإلكترونية باستخدام كندل
بعد أن انتهينا من إيجابيات القراءة الإلكترونية باستخدام كندل، هيا بنا نلقِ نظرة على الجوانب السلبية للأمر.
1. كندل ليس كتابًا
أعلم أن هذا ليس خبرًا جديدًا، لكن على الرغم من مميزات كندل، فإنه ليس كتابًا! عندما تشتريه وتفتحه لأول مرة، لن تجد له رائحة الكتب الجديدة. وعندما تمسك به، لن تشعر إلا بملمس جهاز لوحي عادي يشبه ملمس هاتفك المحمول. وعندما تبدأ في القراءة باستخدامه، لن تشعر بالصفحات وأنت تقلبها. وعندما تضع أناملك على الكلمات، لن تشعر بها محفورة أو غائرة. لا تختلف أبعاده باختلاف الكتاب، فالرواية كالأطلس كالموسوعة.
على العكس، لم أشترِ كتابًا قط إلا وكانت له رائحة مميزة، وغلاف يناسبه من حيث الخامة واللون والتصميم في الفخامة أو الخفة، وأبعاد تحدد إذا كان يمكنني حمله إلى أي مكان أم أنه سيبقى في مكتبتي أستشيره كأنني أستشير أحد الحكماء. أما الصفحات، فكل كتاب يختلف سمك صفحاته وملمسها. وبعض أطراف الصفحات أجدها عادية وبعضها مذهبة. وإلى جانب ذلك تختلف الطباعة، فبعضها عادي وبعضها بارز. وغير كل ذلك، لا يدعك كندل ترى الغلاف وأحيانًا لا ترى الصفحات الأولى من الكتاب.
حقيقةً، أرى في قراءة الكتب تجربة متكاملة تستحق أن أخوضها بغير عجلة. فضلًا عن كل هذا، تتكوم الكتب التي تشتريها ولا تقرؤها والكتب التي قرأتها عدة مرات على هيئة بيانات في كندل، لا على أرفف المكتبة كتاب يقف خلف الآخر بشكل جميل.
2. أبيض وأسود
مهما كان الكتاب ملونًا، فستقرؤه على كندل بالأبيض والأسود. وهذا الأمر، إلى جانب كونه ينتقص من متعة قراءة بعض الكتب مثل الروايات المصورة، فهو أيضًا قد يقف حائلًا بينك أنت والكتب التي تحتوي على خرائط أو رسومات توضيحية.
3. إجهاد العين
على الرغم من أن كندل يتميز بشاشة غير مضيئة تشبه الورق، أي يعمل بالحبر الإلكتروني، فهو في الحقيقة مثل أي جهاز إلكتروني قد يتسبب في إجهاد العين. بالطبع لا يماثل إجهاد العين الذي يسببه كندل في شدته إجهاد العين الناتج عن الهواتف المحمولة أو الحواسيب، لكنه بالتأكيد ليس ألطف على العين من الضوء الطبيعي الساقط على كتاب مطبوع. الجدير بالذكر أن بعض الإصدارات تدعم خاصية الإضاءة الصفراء المريحة للعين، وهذا خيار أفضل.
4. لا يمكنك إعارة الكتب أو إهداؤها
إذا أعجبك كتاب وشعرت أن صديقك قد يكون مهتمًّا بموضوعه فقررت إعارته الكتاب، لن تتمكن من ذلك الآن. فبعد أن أتيحت خاصية إعارة الكتاب لمدة أسبوعين، أُلغيت نهائيًّا. فأصبحت الآن الطريقة الوحيدة التي يمكنك بها إعارة صديقك كتابًا هي أن تعيره كندل. وإن أردت أن تهدي أحدهم كتابًا، فلن يفلح الأمر، وبالطبع لن تهديه كندل إلا إذا كان مقربًا جدًّا منك.
5. نفاد البطارية
مثل أي جهاز إلكتروني، لا بد أن تنفد بطارية كندل. صحيح أنها لن تنفد بسرعة وعلى الأغلب ستعيد شحنها قبل أن تنفد، لكنها تنفد. أرأيت كتابًا يُغلق تلقائيًّا لنفاده من الحبر؟
6. . النظام البيئي لكل من كندل وأمازون
يعمل كندل متصلًا بالنظام البيئي له ولأمازون، وهنا نجد ثلاثة عيوب:
- العيب الأول: هذا النظام البيئي يحجم إمكانات المؤلف والمصمم فيجعل الإنتاج خاليًا من التجديد تقريبًا. فكما ذكرت، لا مجال للإبداع في شكل الصفحات أو الغلاف أو حتى في أبعاد الكتاب.
- العيب الثاني: عدم إمكانية الوصول إلى الكتب التي تشتريها إذا فقدت بيانات حسابك على أمازون. وحتى لو لم تفقد بيانات حسابك وتمكنت من تسجيل الدخول، فلا يمكنك الاطلاع على كل الكتب التي اشتريتها من قبل. بالتالي، يمكن أن تعيد شراء كتاب اشتريته بالفعل.
- العيب الثالث: وهو العيب القاتل بالنسبة لي؛ صعوبة الوصول إلى الملاحظات التي تكتبها أثناء القراءة. فلا يمكنك البحث عن كلمة محددة تذكرها فتتمكن من الوصول إلى الملاحظات، بل عليك البحث في الكتاب كله على موقع كندل لتجد ملاحظاتك.
أذكر أنني في بعض الكتب كنت ألجأ إلى الهوامش لكتابة الملاحظات. وأحيانًا تكثر ملاحظاتي حتى أضطر إلى كتابتها على أوراق لاصقة وأضعها على صفحات الكتاب. وعندما أعود إلى صفحة ما في الكتاب أجد ملاحظاتي في مكانها على الهوامش أو على الأوراق اللاصقة. هي الطريقة نفسها، لكن الفارق الوحيد هو أن البحث عن الأوراق اللاصقة بين الصفحات أسهل بعض الشيء.
7. السعر
شراء الكتب مكلف، لا جدال في ذلك. لكن شراء كندل مكلف أيضًا وخاصةً الإصدارات الأحدث. بالطبع إذا كنت تقرأ بنهم، قد يزيد إجمالي المال الذي قد تنفقه في شراء الكتب على سعر كندل، لكن سيبدو شراء كندل كأنك تدفع ثمن عدد كبير من الكتب مقدمًا، ما قد لا يناسب بعضهم.
أظن أنه حان الوقت الآن للاعتراف بأنني كنت محقة في البداية عندما أبديت عدم تفضيلي للقراءة الإلكترونية. لا، لنلتزم الواقعية وعدم الانحياز. أحيانًا لا أجد سبيلًا للقراءة إلا عن طريق الأجهزة الإلكترونية سواء كندل أم غيره. وحقيقةً، بعض السلبيات يمكن التغاضي عنها أو التعامل معها مثل إجهاد العين والسعر، وبعضها الآخر لا يكلف أكثر من بعض التحديثات مثل إضافة الألوان وتحديث النظام البيئي.
على سبيل المثال، إذا أضيفت خاصية تسمح للقارئ بإرسال ملاحظاته على كتابِ ما، قد يساعد ذلك الكثير من الباحثين والمهتمين بالتعلم الذاتي من الكتب. فإن قامت أمازون بتحديث كندل بقدر يتناسب مع إيقاع الحياة السريع كما أنتجته في البداية، ربما ستصبح القراءة الإلكترونية مفضلة على قراءة الكتب المطبوعة. حتى لو لم تتفوق عليها، فعلى الأقل لن تحرم القارئ من الجوانب البسيطة التي تجعل القراءة تجربة استثنائية.
وأخيرًا، عليَّ أن أعترف أننا منذ سنوات قليلة نسبيًّا لم نكن لنتخيل أن يصبح لدينا جهاز لوحي حجمه لا يتجاوز حجم الكف ويحتوي على هذا الكم الهائل من الكتب. لم نكن نتخيل أن نضع في حقيبة السفر المكتبة بأكملها، لا كتابًا واحدًا أو كتابين. لم نكن نتخيل أن هذا الحجم من المعلومات يمكن دمجه في شيء صغير هكذا. لكن فكرة القراءة الإلكترونية جعلت كل ذلك وأكثر ممكنًا وبين أيدينا. وكندل، على الرغم من بساطة إمكاناته، بالتأكيد يمثل خطوة أولى ومهمة في مستقبل القراءة بشكل عام، ومستقبل القراءة الإلكترونية بشكل خاص.
قد يعجبك أيضاً
تعرف على 10 نصائح ذكية تساعدك في اختيار الكتب المناسبة المزيد
الاتحاد الدولي للناشرين منظمة عالمية تدعم حرية النشر، تحمي حقوق المزيد